إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شفاء العليل شرح منار السبيل
204025 مشاهدة
بــاب التيمـــم


قوله: [باب التيمم يصح بشروط ثمانية: 1- النية. 2- والإسلام. 3- والعقل. 4- والتمييز. 5- والاستنجاء أو الاستجمار] لما تقدم.


الشرح: التيمم لغة القصد، قال تعالى: وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ أي قاصدين، وتقول: يممت مكة أي قصدتها، قال الشاعر:
ومـا أدري إذا يممت أرضا أريـد الخير أيهما يليني
أألخـير الذي أنا مبتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني

وهو شرعا: التعبد لله تعالى بقصد الصعيد الطيب للتمسح به على صفة مخصوصة، وهو من خصائص هذه الأمة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ( .
وأما سبب نزول آية التيمم فهو ضياع عقد عائشة - رضي الله عنها- حيث قالت (كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره فانقطع عقد لي فأقام النبي -صلى الله عليه وسلم- على التماسه وليس معهم ماء، فنزلت آية التيمم) .
والتيمم بدل طهارة الماء فلا يصح إلا عند فقد الماء؛ لأن الله تعالى يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا .
وقد ذكر المؤلف أن التيمم يصح بشروط ثمانية ثم ذكر منها:
النية، والإسلام، والعقل، والتمييز، وهذه شروط لا بد منها في كل عبادة- كما علمنا مرارا- فالنية في التيمم أن ينوي بقصد هذا الصعيد الطيب أن يتطهر بنية أداء العبادات التي لا تصح إلا بالوضوء أو بدله، وهو التراب، ولا بد أن يكون المتيمم مسلما، فلا يصح التيمم من كافر، ولا بد أن يكون مميزا، فلا يصح من صغير أو مجنون.
ثم ذكر المؤلف شرطا خامسا وهو الاستنجاء والاستجمار قبل التيمم إذا كان محتاجة لذلك، فإذا كان معه ماء قليل لا يمكن أن يستنجي ويتوضأ منه فإنه يستنجي به ثم يتيمم، فإن لم يكن عنده ماء استجمر بالحجارة أو بنحوها مما يصح الاستجمار به ثم تيمم.